ثلاث نقاط جوهرية لإصلاح التعليم / باب أحمد ولد الخليفة
أن أي محاولة لانتشال البلد من مستنقع الجهل والتخلف الذي تقبع فيه لا تتخذ من التعليم مشروعها الأول مآلها الفشل فالتعليم هو صمام الأمان والضامن الوحيد لتشكيل مجتمع واعي ومتجانس تسود فيه قيم التسامح والاحترام من خلال خلق هوية شاملة تتخذ شرعيتها من دولة المؤسسات.
إن إصلاح منظومتنا التربوية أصبح مطلبا ضروريا لا يمكن التغاضي عنه في ظل الهوة الساحقة بيننا وأقرب دول الجوار رغم فارق المصادر ومن أجل إصلاح فعال يجب أن تحدد الأهداف والغايات بالإجابة على السؤال المحوري: ماذا نريد أن نحقق من خلال التعليم؟ أعتقد كفاعل من داخل هذا الميدان أن أي إصلاح ينبغي أن يتم التركيز فيه على النقاط الجوهرية التالية:
المحتوى الدراسي : عندما يتعلق الأمر بالمحتوى الدراسي يجب مراعاة الأهداف الرئيسية التي تخدم المصالح العليا للبلد مثل الوحدة الوطنية و الحفاظ على الهوية الإسلامية و العربية والأفريقية للبلد ومواكبة التقدم العلمي والحضاري والانفتاح على الآخر من خلال محاربة بذور التطرف والغلو الفكري والديني وبدون التعديل على المحتوى التعليمي بما يتناسب مع روح العصر ويحافظ على خصوصيتنا فلا تتوقعوا مجتمعا رياديا يساهم في بناء الحضارة الإنسانية وإنما مجتمعا استهلاكيا ضعيفا وممزقا ومطمعا للكل.
البني التحتية المدرسية : واحدة من المعوقات التي شكلت تحديا حقيقيا في وجه انسيابية العملية التربوية فلا يخفى على أحد أن الازدحام داخل الحجرات و ندرة الأدوات التوضيحية و غياب المكتبة المدرسية و الطباشير الرديئة والسبورات المتهالكة و نقص الطاولات وعدم وجود مختبرات للمواد العلمية واللغات الأجنبية ظلت دائما تحد من قدرات الطواقم التربوية المشتغلة في هذا الميدان وكان لها التأثير البالغ على التحصيل المعرفي لطلبتنا بالإضافة إلى معوق البيئة الأسرية. حل مشكل البني التحتية المدرسية سيساهم في تعزيز إنتاجية المدرسين والتحصيل عند التلاميذ.
الكادر البشري : يجب إعطاء الأولوية للكادر البشري العامل في هذا الحقل من معلمين وأساتذة من خلال تحسين ظروفهم المادية والمعنوية وتكوينهم المستمر في مجال تخصصهم وتشجيعهم على البحث العلمي ومراقبة أدائهم ميدانيا وكتابة تقارير مفصلة عنهم من أجل سد الثغرات و تصحيح الأخطاء وإدخال مبدأ الثواب والعقاب فلا تتوقع في من تلميذ يعيش في مجتمع أصبح يقدس المادة ويرى مدرسه يحضر راجلا إلى مكان العمل ويزاحمه في النقل العمومي أن يقتنع بأهمية العلم من أجل مستقبل أفضل ولا تتوقع من مدرس مشتت الانتباه يحمل هم أبسط ضروريات الحياة أن يبدع.
وصفوة القول مما تقدم ذكره أن إثراء المحتوى الدراسي وتطوير البني التحتية المدرسية والرفع من مستوى الكادر البشرى وتحسين ظروفه هي نقاط جوهرية في أي عملية إصلاح جادة. التعليم على حافة الانهيار ما لم يكن هناك تدخل سريع من الفاعلين في البلد بنية إصلاح حقيقية وهو ما نتمناه وليس ذلك على الله ببعيد وأي تأخر في مشروع الإصلاح هو على حساب أجيال بحالها.